مع بداية العام الهجري الجديد، دعونا ونحن نهنّىء بعضنا بقدومه أن نفكّر ونتساءل: مامدى اهتمام شبابنا وصغارنا بهذه المناسبة، وهل نعمل على إشراكهم في هذه التهنئة، ونعلّمهم أي نوع من التقاويم هو؟ هل نحرص على تحفيظهم شهور السنة القمرية، وننقل لهم قصص السلف المرتبطة بها؟
نحن نعلم أنّ السنة الهجرية بشهورها القمرية هي هوية المسلمين، لذا فإنّ علم أبنائها بها هو واجب لا يمكن التهاون به أبدًا، وذلك لارتباطه بالعبادات ومواسم الطاعة وأعياد المسلمين، وقد يقول قائل إنّ العالم اليوم كله يسير على التقويم الميلادي وأننا لا نستغني عنه، نعم ولا نستغني عن كليهما. قال تعالى " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، ماخلق الله ذلك إلا بالحق ، يفصل الآيات لقوم يعلمون "، عند تأملنا للآية الكريمة نجد أن اللّه سخّر لنا الشمس والقمر كي نعرف عدد السنين والحساب، ولنحسب أيامنا وشهورنا ومواسمنا وتكون الأدوات التي نقيس بها الزمن دقيقة ومتقنة، إن الشمس والقمر يجريان في هذا الكون في بروجهما ومنازلهما بحساب دقيق متقن، وتقدير مقدّر، رحمة بالعباد وعناية بهم؛ من دون أن يشوب جريهما اختلال أو اضطراب، ولو بحثنا عن معنى التقويم في المعجم لوجدنا أنه يعني اصطلاحا : تنظيم لقياس الزمن ويعتمد على الظواهر الطبيعية المتكررة كدورتي الشمس والقمر والفصول الأربعة.. إذاً فهناك تقويمان للزمان هما : التقويم الشمسي والتقويم القمري، وبما أنّ التقويم الشمسي ثابت نسبيا فمواسم الدراسة والزراعة تعتمد عليه، أمّا التقويم القمري فنتابع من خلاله المناسبات الدينية كقدوم شهر رمضان وموسم الحج والأعياد وكذلك نعرف الأشهر الحرم، وبذلك يعرف الناس السنين والشهور والأيام والفصول ويعرفون أشهر الحج والصوم وغير ذلك من شؤون الحياة .
وقد جاء في سورة الكهف ذكر التقويمين ليعرّفنا بدقة كم المدة التي لبثها أصحاب الكهف، قال تعالى :" ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا "الآية 25 سورة الكهف
وورد في تفسير ابن كثير أن هذه الأرقام تدل على التفاوت بين التقويم القمري والشمسي، فمقدار ما لبثوا هو ثلاثمئة سنة شمسية وتسع سنوات قمرية، وهذا من الإعجاز القرآني.
وفي زماننا هذا، نجد أنّه من الضرورة أن يتقن أبنائنا أكثر من لغة، لذا فلا بدّ من أن نتأكد أنهم يتعاملون مع التقويمين القمري والشمسي ويسمّونها بمسماها الأصلي ، بذلك لا يختفي تقويم على حساب الآخر.
اللّهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علمًا.